مفيدة ، فتاة طيبة القلب وفية ، جميلة وذكية ، جميع الناس يحبونها لانها تساعد الكل قدر استطاعتها ... غدا اول ايام العطلة الصيفية ، ارادت مفيدة ان يكون اول يوم عطلة لها في حديقة الحيوانات ، طلبت من امها اسية اصطحابها الى الحديقة فوافقت .
من الغد ، ارتدت بطلتنا اجمل ثيابها وحلت شعرها بضفيرة طويلة متناسقة ، ثم تعطرت وخرجت تصحبها امها ، لم تنس طبعا احضار بعض الطعام لها ولوالدتها .
فتشت عن قطع الخبز القديمة التي لم تعد صالحة للاكل لتقديمها للحيوانات ، كانت مفيدة تقف عند كل قفص لتتفرج على ما بداخله ولتقرأ ما هو مكتوب من معلومات عن كل حيوان اسير القفص ، في الغد روت لنا مفيدة تفاصيل زيارتها للحديقة قائلة : اعترضتنا القرود المرحة وقد كانت تمتع الناظرين بحركاتها البهلوانية وهي على عجلة من امرها كانها تقدم عرضا تدربت عليه في السيرك ، دون ان تهمل التقاط ما يرمي به الزائرون في مهارة وسرعة وفي لمح البصر ، كانت تقلدنا في كل ما نفعله ونحن نضحك ، لم اتمالك نفسي امام حركاتها المضحكة فانفجرت ضحكا ، انتقلنا الى قفص الدب فارعبني صوته وكدت اهرب مستغيثة لكن امي اخبرتني انه لا يستطيع تكسير القفص ، اخذت اصيح قائلة : " لا اريد البقاء في هذا المكان فالننتقل الى قفص اخر " ... مررنا على الزرافة ادهشني طولها الخارق ، ومررنا بقفص النمر الذي اعجبت بفروه الرائع وفرو أخيه الفهد ، لكن في نفس الوقت افزعتني انيابهما ومخالبهما .
لن انس طبعا انني مررت حذو الفيل الرمادي مع امي ، لكن ما اذهلني هو دهاء وذكاء ابن اوى و الذئب وصديقه الثعلب الماكر .
من المواقف الطريفة : اني مررت على النعامة فوجدتها مدخلة رأسها في باطن الارض كعادتها ، انها كالطامع "اشعب" لا ينفك عن التطفل على الموائد .
حيرني ظهر الجمل والناقة فاجابتني ماما اسية بقولها : " ان ظهره هكذا يا حبيبتي ليمكن الجلوس عليه بسهولة وهو يدعى "سفينة الصحراء" كما انه اكثر الحيوانات صبرا على الماء ، وعلى ذكر الماء فقد زرت فرس النهر الكبير والضخم الجثة ، واستغربت من ضخامة جثته الأعظم من جثة الثور وزوجته البقرة وصديقتها وجارتها الجاموسة اللاتي يبعدن عنها ببضع امتار … لن انس طبعا زيارة الفقمة صديقة الدلفين وكذلك القرش المخيف الذي يذكرني " بدراكولا " وقصته الخرافية المخيفة حتى ان اعوان الحديقة تركوه منعزلا لخطورته ، كما لن انس اني شاهدت عدة حيوانات مائية اخرى ، كالسمك والحوت الكبير ، وهلما جرا …
بعد هذا التجوال قررت الاستراحة انا وامي ، جلسنا على مقعد امام المراجيح وشرعنا في اكل بعض الطعام الذي احضرناه ، وكنت استعجل الاكل حتى اكملت لمجتي وانطلقت جريا نحو الارجوحة ، اما امي فقد نصحتني بعدم الركض ، والتحول لمشاهدة الخراف والماعز والفئران والقنافد … واذكر ان علاقة صداقة متينة توثقت بيني وبين بطة فقد كنت اطعمها وصديقاتها البطات وجاراتها الوزات والبجعات ينظرن اليها في حسد شزرا ، فانقذتها من غيرتهن وسلمتهن بعض الطعام ، لذلك نظرت إلي بامتنان وشكر .
عند المرور على مأوى الخنازير فضلت الجري والابتعاد عن المكان مع حرصي على سد انفي لاشمئزازي من الروائح الكريهة … عند زيارة الكنغر ظننت انه يلبس سروالا به جيوب لحماية ابنه ، لكن عندما قرات المعلومات عنه فهمت كل شيء .
اطربتني زقزقة العصافير وهديل الحمام وقد سافرت في بحر الموسيقى عند الاستماع لتغريد البلابل ، وتمنيت ان اكون مثل تلك الفراشات ذات الالوان المبهجة الزاهية ، وقد ازدادت ضحكاتي حتى انقلبت على ظهري عند سماع الببغاء وهو يردد اقوالي مباهيا بالوانه الزاهية كمباهاة الطاووس الموجود قربه بريشه الملون .
بقينا وقتا نتـامل الخيول وهي تملأ المكان بصهيلها وكذلك الحمير بنهيقها ، وقد الححت على امي ان تشتري لي دجاجة ، فرخا ، كلبا او ارنبا لكنها اخبرتني ان الحيوانات الموجودة في حديقة الحيوانات ليست للبيع ووعدتني بان تشتري لي حيوانا لطيفا من السوق عند العودة.
كنت طوال الطريق التهم قطع شوكولاطة لذيذة واتسلى ببالونة وقناع مضحك وبعض اللعب اشترتها لي امي من الحديقة ، وكنا نستغرق في الضحك طوال الوقت عندما المح احد الحيوانات واشبهها بشيء مضحك ، دون ان انسى اننا استمتعنا بمنظر نافورة رقراقة جارية .
قبل ان ننتقل الى قفص الاسد وعائلته ذهبنا الى قفص الثعابين وقمنا بلعبة : من يخرج لسانه اكثر ويحدث فحيحا قويا لكن ماما غلبتني في اللعبة …. راجعت كراسي وكل ما كتبته من معلومات على الحيوانات كما اضفت نكتة على التيس ولحيته الطويلة .
حذو قفص الاسد انتابني بعض الخوف وشعرت بانه سيحصل شيء ما ، واذ بالاسد ينفجر غيضا ويحمر وجهه غضبا ويزأر زئيرا عاليا عندما شاهد ضفيرتي بالذات ولا أدري لماذا ... هرب الجميع عند تحطيم الاسد للقفص ، لم اعرف كيف تسمرت في مكاني من الدهشة ... بغتة نما للاسد جناحان ابيضان طارا بهما وحلق بواسطتهما عاليا ماسكا بي من ثيابي تارة ومن ضفيرتي طورا . نظرت تحتي فاخذت ارتجف كالقصبة في مهب الريح واحسست باعضاء جسمي ترتجف وباسناني تصطك ، دارت الدنيا بي وكاد قلبي يخرج من صدري ، جف ريقي ، لكنني بالكاد تمالكت نفسي ، وتمنيت الا اسقط ، وبالطبع لم اصرخ رغم مسكه القوي لشعري حتى لا يفزع الاسد العجيب ويسقطني ، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، فقد قادت الاقدار حمامة ازعجت الاسد الطائر ، وعندما اراد الفتك بها سقطت من مخالبه من ارتفاع عال، حمدت الله وشكرته لانني سقطت على كومة قش فوق جبل كبير ، ولم اصب الا بخدوش بسيطة لم تألمني كثيرا ، احسست ان احدا يدفعني الى الامام ، وعلى حين غرة وفي غفلة مني سقطت من قمة الجبل ، عند الوصول اصطدم رأسي بصخرة كبيرة فانفلقت جمجمتي وصرخت صرخة مدوية ، كرر الصدى ندائي كانه يسخر مني ، واذ بي انهض فاجد نفسي في غرفتي مرتمية على الارض واقعة من السرير وقد اصطدم راسي بالمنبه فاخذ يرن رنينا عاليا متواصلا حتى ايقظ جميع افراد العائلة ، صببت عليه جام غضبي وقمت بتانيبه تأنيبا شديدا ، عند ذلك سمعت وقع اقدام ثابتة فارتميت فوق فراشي مخفية المنبه بين طيات ملابسي متظاهرة بالنوم متجنبة وخائفة من غيض امي .
Sat Apr 13, 2013 1:47 pm by Hady_mansour