انقل لكم موضوع حقيقة الموضوع عجبني ...
منفتح وتعددي وعقلاني وإنساني
هذه بعض الصفات التي باتت تحدد معايير النجاح عالمياً
وعلى مستويات وظيفية وعقلية وحتى روحية
وبقدر ما كانت هذه العوامل التي ميزت الأشخاص الناجحين
لدينا في المملكة واضحة على أرض الواقع
إلا انها كانت غامضة في عقولنا. . والسبب لذلك هو
الآيديولوجيا الثقافية التي اكتسحت عقولنا في العقود الماضية
وجاء معها نموذجها الخاص بالنجاح الذي تم ترويجه بالمجتمع
ليصبح النموذج الوحيد للنجاح
أي أحد يريد أن يصبح ناجحا ويشعر بالاحترام لنفسه ومن الآخرين
ما عليه إلا إتباع ذلك النموذج الخاص بالنجاح
كان واضحا أن معايير ذلك النجاح تعاكس تماما معايير النجاح العالمي
لم يكن الشخص معها منفتحاً ولا تعددياً ولا عقلانياً ولا إنسانياً
بل على العكس كلما كان الشخص منغلقا على معارفه
الضيقة ويرفض أي انفتاح على آراء وأفكار وتجارب الآخرين
كان ذلك يجعله ناجحا ونقيا أكثر بالنسبة لهذه الصورة
الجديدة من النجاح
بقدر ما كنت لا تفكر ولا تتساءل ولا تعتقد أن لكل قصة
جوانبها المختلفة وتنجرف بعواطفك
كان ذلك يعني أنك تسير على خطى الناجحين
وبالطبع أيضا بقدر ما لم تكن إنسانيا وتتعصب
لمذهبك العقدي أو الفكري وتستبعد كل المختلفين معك
وتضعهم في منزلة أقل منك كلما جعلك ذلك تكتسب
أهم صفات الناجحين
في الواقع هذه بالضبط هي معايير الفشل عالميا ولكنها تحولت
بالنسبة لنا وعلى نحو كارثي إلى معايير النجاح
هذا النموذج الناجح الذي قدمته لنا هذه الثقافة خلال العقود
الماضية كان أسوأ نموذج للنجاح
يمكن أن تقدمه أي ثقافة في العالم . . حتى الثقافات التقليدية
القديمة تركز كثيرا على قيم العمل ولا تهتم كثيراً
بالنواحي الثقافية مثل الانفتاح والعقلانية
ولكن هذه الثقافة كانت تكرس وتصر على كل هذه المُثل غير
الجيدة عمليا ولا حتى ثقافيا
هل يوجد أسوأ من ثقافة تقول لك بأنك بقدر ما تكون
منغلقاً وغوغائياً ومتعصباً تصبح ناجحاً وخيّراً ؟!
ولكن هذا ما حدث بالفعل ورأينا الأشخاص الذين يملكون
بهذه الصفات هم القدوات الناجحة في المجتمع
التي يطلب الأهالي من أولادهم التشبه بها
دفع هذا النموذج الرديء والوحيد من النجاح الكثير من
صغار السن لتقليدهـ !!
يكون الشاب أو الشابة ذكيا ومتسائلا وناقداً ولكنه يتخلى
عن كل هذه المواهب الرائعة ليصبح بسيطا وتابعاً
ومتزمتاً فقط لكي يتلاءم مع معايير النجاح التي تم الترويج لها
هناك أشخاص بلا مواهب وجدوا في هذا النموذج فرصة لهم
لكي يجدوا قيمتهم ويشعروا بالاحترام
من الآخرين ولكن من المحزن تذكر العدد الكبير من الناس الرائعين
الذين تم مسخهم بنموذج النجاح الفاشل هذا
ولكن لنر ماذا قدم لنا هذا النموذج في حياتنا .. لأنه كان غير
منفتح أدخلنا في صراعات مجانية مع كل جديد يطرأ على حياتنا
كل شيء تقريبا من البث الفضائي وحتى العدسات اللاصقة
كم من الوقت أضعنا بهذه المعارك بينما أي عقل منفتح
سـيـسـتـقبلها حتى دون أن يشعر أحد
لو كان تعدديا لجلب كل الثقافات والتجارب الحضارية لكي يتعلم منها
أحد أسباب التجارب الناجحة عالميا هو الانفتاح على الحضارات المزدهرة
ولكن الناجحين الخاصين بنا كانوا يرفضون ذلك ويعتقدون
أن كل هذه الحضارات هي مجرد سراب وخيال
وهذا أسوأ درس يمكن أن تعلمه أمة لأبنائها لوكان عقلانياً
لقرأ الماضي بطريقة عادلة وموضوعية
وكل ذلك سيجعله أكثر اتزانا في رؤيته للواقع
الحكمة التقليدية تقول غيّر ماضيك لتغيّر حاضرك
ولكن لكي تكون ناجحا بالنسبة لنا يجب أن تقرأ التاريخ
بطريقة منحازة ومؤدلجة ومدرسية
وتصدق كل القصص التي تسمعها في الشارع
ويجب عليك أن تكره الغرب وتعتبر غير المسلمين أشراراً وتعادي المنطق
ورغم أن سياراتنا أمريكية وأطباؤنا المهرة غير مسلمين ونبعث
أولادنا لكي يأخذوا العلم من جامعاتهم
إلا أن هذا يجب أن لا يشعرنا بالتناقض والتمزق
من شروط النجاح لدينا أن ترى كل هذه الأشياء ولا تشعر
معها بأي إحساس بالتناقض العقلي!!
ولكن ما أكبر هدية قدمها لنا هذا النموذج الناجح وهؤلاء
الناس الناجحين الذي كانوا ملهمين لنا؟!
لم نكن بفضلهم أطباء أو مهندسين أو طيارين لأن ذلك يعتمد
على مناهج غربية في الدراسة وهم ضد الغرب
لم نكن فنانين فهم ضد الفنون ولا رياضيين لأنهم لا
يستسيغون الرياضة
لم نكن بفضلهم كتاباً ولا صحافيين ولا روائيين
في الواقع هم طبعوا منا نسخاً تطابقهم في انعزالهم وتشددهم
كانت هذه أجمل الهدايا التي تلقيناها من هؤلاء الناجحين
الذين نغضب على أولادنا إذا لم يقلدوهم
كانت تلك أكثر كوميديا سوداء نشهدها في حياتنا
في الحقيقة لدينا في السعودية نماذج ناجحة وحقيقية ومضيئة ساهمت
في ازدهار بلدنا على مستويات متعددة وهي النماذج الصالحة والملهمة للأجيال السعودية
وهم (دون أي دخل للصدفة) منفتحون ومتسامحون وعقلانيون
يجب أن نغير هذه الصورة عن النماذج الناجحة والتي سيطرت
على عقولنا وعقول عائلاتنا
ولم يعد لها أي فائدة إلا أنها ستكون ملائمة لكل شخص يريد
أن يتعلم درساً عنوانه
"كيف تكون فاشلاً بأسرع وقت ممكن"