تعد الحياة الإجتماعية أكبر مدرسة نتعلم منها ونطور من قدراتنا العقلية والنفسية
وتعد الحياة الجماعية ضرورة ملحة للإنسان ... فالإنسان الطبيعي لا يستطيع أن يعيش وحيداً
وإن وجد شخص ما يحب الوحدة والعزلة فبالتأكيد يكون هذا الشخص خرج عن نطاق المألوف وقد نتهمه بالمرض النفسي
فهل نستطيع أن نعيش عمرنا بمفردنا دون أن يشاركنا أحد حياتنا ؟
بالطبع ذلك شيء مستحيل
وهل يكفي أن نكون أشخاص إجتماعيين ... لمجرد ألا نعيش بمفردنا ؟
أي هل الغرض من الحياة الإجتماعية أن نتعرف على أكبر قدر ممكن من الناس ؟
أعتقد أن الهدف بعيد كل البعد عن ذلك
إننا لا نواجه الحياة بمفردنا منذ خلقنا على هذه الأرض
فهناك أبٌ يربينا وأمٌ ترعانا وأخٌ يخاف علينا
ننطلق منذ طفولتنا نلعب في الحارات.. نتعلم في المدارس
هناك أشخاص يرافقون حياتنا وكأنهم أهلنا
وهناك من نشعر بقربهم وبحنانهم أحياناً أكثر من الأهل حتى
إنهم أصدقائنا
وكما قيل ربَّ أخٍ لم تلده أمك
لا نستطيع أن نعيش حياتنا
من دون الأصدقاء وهذه الكلمة من أعمق الكلمات الإنسانية لأنها تحتوي على
أجمل وأوفى وأخلص الصفات الرائعة وهي الصدق
الصديق : من أول الصفات التي يجب أن يتحلى بها هي الصدق
... والصدق معك بشكل خاص ... دوناً عن كل الناس .. فهو صادق بمشاعره تجاهك
... سيف في ظهرك ... يحفظك في غيابك ويقاسمك المودة في حضورك ... يحفظ سرك
... لا يخون لك عهد... ولا يغدر بميثاق ...
وكما قال الشاعر:
صديقي من يقاسمني همومي ويرمي بالعداوة من عداني
وليس المهم أن تكتسب الأصدقاء
المهم من هم أصدقائك
وقد قيل ليس المهم أن تحب .... المهم ماذا تحب
وقد قيل أيضاً
قُلْ لي من تصاحب أقل لكَ من أنت
ومن هنا أتى جوهر ومبدأ الصداقة وحددت ماهية الأشخاص من خلال أصدقائهم
بالنسبة لي أنا مع هذا المبدأ قلباً وقالباً فنحن نستطيع أن نعرف حقيقة الأشخاص من خلال معرفتنا لأصدقائهم
فقد قال أحد الشعراء :
إن القرين من المقارنِ يقرن
أي الإنسان يعرف من خلال الأشخاص الذين يحب أن يكون معهم ويتواجد بقربهم لأنه يرى نفسه من خلالهم .... فهو واحد منهم
لذلك وجدت أن الصداقة تلعب دوراً أساسياً في حياتنا
فالأصدقاء يلعبون دوراً كبيراً في حياتنا سلباً وإيجاباً بحسب
سلوكياتهم وأفكارهم فأنت لا يمكن أن تصادق شخص طباعه وأفكاره بعيدة كل
البعد عنك بل تصادق الأشخاص الذين يقتربون من شخصيتك وليس بالضرورة أن يكون
هناك تتطابق
فلكل روح جوهر خاص بها ...
فالمقصود أن يتطابق جوهر روحك مع جوهر روح صديقك ... حتى لو كان هناك بعض
الإختلافات سواء بالرأي أو بالشخصية
فقد تكون أنت إنسان هادئ الطباع وأعز أصدقائك عصبي المزاج لكن هذا الصديق لديه صفات أخرى رائعة وجميلة وقد توجد فيه ولا تمتلكها أنت
فبالرغم من أنه عصبي إلا أنك تفضله على البقية من أصدقائك لأنَّ روحه قريبة من روحك وطباعك
كيف يمكن للصداقة أن يكون لها تأثير إيجابي وسلبي على حياتنا ؟
التأثير الإيجابي :
عندما تمتلك أصدقاء حقيقيون فأنهم يساعدونك على تجاوز الكثير من الصعاب
التي تمر بها ... طالما أنَّ العشرة التي بينكم والمودة التي تجمعكم كانت
كفيلة بأن يفهم الواحد منكم للأخر ... فالصديق الحقيقي يعلم أنك تمر بضائقة
معينة سواء أكانت مادية أو نفسية أو حتى عاطفية من دون أن تخبره بذلك...
فهو لطول روح الصداقة التي بينكم خبرك وعرفك حتى أكثر من أقرب المقربين من
أهلك لأنك ربما قد تقضي معظم أوقاتك معه تخبره بكلما ما يجول بفكرك وبكل
مايحدث معك... وأنت لم تعتاد التصنع أمامه ولا التكلف فمن الطبيعي أن يعرف
حالتك من دون أن تقول له ... فسوف تراه يقوم بدعمك ومساندتك من دون حتى أن
تطلب منه ... فها أنت قد عدت سعيداً مبتهجاً مرة أخرى والفضل هذه المرة
ليست لجهودك ... لأنَّ جهودك هذه المرة قد خذلتك .. مع أنك عملت ما بوسعك
...
هذه المرة الفضل لصديقك
سلبياً : قد تأخذ الصداقة مفهوم السيف ذو حدين
أنت إنسان ملتزم لك أهدافك
التي تسعى إليها ... تطمح وتعمل وتكافح ...لكنك شديد الثقة بالأخرين ولأن
قلبك طيب تصدق كل من يمر بطريقك ... هناك من يستغل صفاتك الرائعة
فيدخل إلى عالمك تحت شعار الصداقة
ولهذا الشعار قدسيته العظيمة إليك فلا تتصور أنه هناك من يدنس هذه القدسية
يستغلوك فتقول لا بأس سأساعد صديقي
يحاولون هدم نجاحاتك بشتى السبل فهم لا يحبون أن يروك ناجحاً وهم أشخاص فاشلين
ودائماً طيبتك الزائدة تقود بك إلى المهالك
فتبرر لهم وتغفر من جديد خطاياهم المتكررة
لكنك ستصحو يوماً عندما تراهم قد رحلوا عنك أو عندما ترى نفسك إنسان كنت عنوان للحياة فأصبحت على هامشها
لذلك الحذر كل الحذر من العدو الذي يلبس ملابس الأصدقاء فهذا هو عدوك الحقيقي
لذلك عليك معرفة إنتقاء أصدقائك فاعلم أنك تختار المعدن الثمين
وليس كل ما يلمع ذهب
فهكذا يكون للصداقة سبباً مدمراً بفشلك في الحياة
صحيح ستنفض الغبار عن
الماضي وتستعد للمستقبل ولكن تذكر أنك قد خطوت خطوات كبيرة للأمام وليس من
السهل أن تعود للمكان الذي حصَّلته بسرعة كبيرة
وتذكر أنَّ السبب هو إختيارك السيء لأصدقائك
لذلك أصدقائي هنا أوجه دعوة صادقة إليكم :
هل للصداقة تأثير في حياتكم ؟
هل تأثرتم بشكل إيجابي أو سلبي نتيجة صداقاتكم ؟
هل أخطر الصداقات صداقة الإنسان لنفسه ؟ هل تؤمن بمقوله (( قل لي من تصاحب أقل لك من انت ))